النوخذة ناصر بن عيد احد اعلام الغوص في تاريخ الكويت البحري، وممن يتردد اسمه كثيرا في صفحات كتابه، وساعات نهاره ونسمات ليله، ولهجة بذكره
السن رواته فلا يوجد معمر من كبار السن ادرك حقبة الغوص ودفعه الحنين إلى عبق الماضي، الا وهو يذكر ناصر بن عيد ذلك النوخذة الذي كان ومازال رمزا من
رموز هذه المهنة وعلما يشار اليه بالبنان، وقدوة حسنة يحتذي بها كل من ركب
البحر، وخاض عباب امواجه.
نشأة
ولد النوخذة ناصر بن عيد في بيت للبحر فيه شأن كبير، فوالده كان من ربان
البحر، وفارسا من فرسانه واحد كبار نواخذة الحي الشرقي المعدودين، الذين
عاشوا ازدهار مهنة الغوص، ونعموا بخيرها، وذلك في عهد الشيخ مبارك الصباح
وقد أدرك وعاصر سنة الطفحة
الرحلة
ونعود إلى النوخذة ناصر بن عيد فنقول: ان رحلته مع الغوص بدأت بعمله
تبابا في خشب وال ده يوم كان مرافقا له، ثم تدرج رضيفا، ثم غيصا، وفي تلك
المراحل بدأت مواهبه وقدراته تظهر، فعرف بشجاعة القلب والحزم وعدم التردد،
لا يهاب قاع البحر _القوع_ مهما كان عمقه، ومهما احدقت به من اخطار جسيمة،
او ظروف جوية صعبة.
المرافقة
وبعد مرافقة والده تنوخذ هو بنفسه على خشب _سفينة_ اشتراها لنفسه،
وسرعان ما شاع ذكره، وعلا صيته بين نواخذة البحر، لما عرف به من حبه لعمله،
وحرصه على توجيه بحريته والاشراف على كل صغيرة وكبيرة من امور السفينة
بنفسه، ولا يترك شيئا للمصادفات وكانت لهيبته ووقاره الاثر الكبير في طاعة
بحريته له وامتثالهم لاوام ره وك ان لشدة جسارته وعلو همته يحب الغوص
في الهيرات البعيدة، المحوطة بالمخاوف والمحفوفة بالاخطار، فكان لا يرافقه من
البحرية إلا الاشداء ذوو البأس والقوة، وكان احب مكان اليه في الغوص ما يعرف
بهير «ابو ظلام » وذلك انه وجد ذات مرة بهذا الهير دانة «لؤلؤة » ثمينة فتبارك
بهذا المكان وتفاءل به واخذ يحرص على الم رور عليه والغوص فيه في كل مرة
يخرج فيها للغوص.
خشبة
اما خشبة فكان من نوع السنبوك احد انواع سفن الغوص الجيدة والمشهور
بالخليج، وقد اطلق عليه لقب «عرهان » وكان ذا سرعة فائقة لم يكن لها مثيل،
إلا مشهور بوم الحاج هلال المطيري، فهو الوحيد الذي كان قادرا على ان ينافس
«عرهان » سنبوك ناصر بن عيد وكان كل من يرى من اهل الخشب _السفن_ السنبوك
«عرهان » يظن انه لنج _سفينة ذات موتور_ وليس خشبا شراعيا، وما ذلك إلا لشدة
سرعته وسيره.
قبيل عرضه على الطواويش.
وكما كان النوخذة ناصر بن عيد واسع الخبرة في مهنة الغوص، كان ايضا
واسع الصدر لمشاكل الناس وهمومهم، فكان المتخصامون يأتون اليه ليحكم
بينهم، فيستمع اليهم باذن صاغية وقلب مفتوح، ويحكم بينهم بما يرضيهم،
وهكذا كان بيت اسرته مضيفا للناس، يفد اليه الغادي والرائح في اي ساعة من
الليل والنهار، فكان ذلك كله سببا في ان يكون النوخذة ناصر بن عيد وجيها
عند الناس، وصاحب المنزلة والمكانة السامية عندهم، ومن دلائل ذلك ان رجلا كان
على سفر، وكان لابد ان يمر في طريقه وتنقله على ديار القبائل والعشائر وديار
قبيلة مطير المترامية الاط راف من الكويت إلى بحر جدة، ويريد ان يأمن اخطار
الطريق ومخاوفه، فسأل عمن يوفر له الحماية في طريق سفره، فأشار الناس عليه
بالذهاب إلى النوخذة ناصر بن عيد، والذي استقبل الرجل، ورحب به، وانزله في
ضيافته، بل واشترى له ذلولا _راحلة_ وقال له: اذهب في سفرك، ومن تعرض لك
في طريقك فقل له: انا في وجه ناصر بن عيد البرازي المطيري، فمضى المسافر في
طريقه وقد اطمأنت نفسه، وارتاح قلبه، بعد ان حصل على ما يأمن به على نفسه
وماله من غوائل الطريق ومخاوفه.
الاسهامات
ومن اسهامات النوخذة ناصر بن عيد الوطنية: مشاركته في معركة الجهراء
سنة 1920 م والتي توجه اليها مع النوخذة فالح بن خضير، وخالد المخلد،
وفارس الدبوس، وحمد بن زوير الهاجري، ومجموعة اخرى من اهالي الكويت، من
اسهاماته ايضا مشاركته ابناء وطنه في بناء السور الثالث الذي بني سنة 1919 م
لحماية الكويت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق